ساعاتٌ معدودة، قد تمتد على الأكثر إلى أربعين، وأصبح – إن شاء الله – أباً
أشعر بالرعب – إن جاز التعبير-،
الثواني، ودقات القلب، في انتظار أن تبدأ آخر فصول المعجزة، ويحدث شيءٌ ما يدفع بالإبنة المُنتَظَرَة أن تشق لها طريقاً إلى النور، فتراها عيوننا المشتاقة، ولا ترانا عيونها المغلقة…
قبل أن تنقضي الساعات الأربعين، يكون قد مر أحد عشر عاماً على يوم لا أنساه، لأنني رأيت فيه المرأة التي أحببت، أحد عشر عاماً، وها هي الآن تحمل وتلد لي إبنة…
أنظر إليها، وأشعر في عيونها بقلق الانتظار، أطمئن نفسي أن معجزتنا الصغيرة تأتي في ذيل مليارات المعجزات اليومية منذ إنقسام الخلية الأولى في التاريخ. لكنني أريد أن أصرخ بأعلى صوت، أن ما يأتي في مقدمة كل شيء، هو أن تبقَى لي سالمة، وأن تشاركني فرحي أو حزني…ويحدث بعد ذلك ما يحدث…
لكن طمعي يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير،
أُصَلّي من أجل طفلة أمنحها بعضاً من الحب الذي مُنح لي بكل مجانية، إبنة ترى الله في كل شيء، مراهقة تختار بمنتهى الحرية أن تتعلم من كل أخطاءها، وامرأة تعشق وتعطي للحياة حياةً جديدةً من داخلها…
وتمتد أحلامي إلى اللانهاية…
أُصَلّي من أجل وطن كريم تنمو فيه طفلتي، وعالم لا إرهاب فيه ولا فساد ولاخداع، ودائرة هائلة من الحب تضم الصغيرة في أحضانها
وأشعر مجدداً بالرعب…هل سأكون ذلك “الأب” الذي تتمناه إبنتي؟؟ أم سأكون -فقط- ذلك “الأب”؟؟ وهل سيشكل ذلك أي فارق؟؟
هل ستبني يداي ذلك العالم من أجلها؟؟ أم تراها عيناي تتخبط في نفس الطرقات التي فيها مشيت قبلاً؟؟ وهل سيشكل ذلك أي فارق؟؟
وأتساءل أخيراً – في لحظة من الأنانية الصادقة – هل سأفقد البقية الباقية من ثورتي ودهشتي ومراهقتي، لأن “متطلبات المرحلة الجديدة” هو أن تنسحب الأمواج القديمة إلى البحر الهاديء، لتترك الأمواج الصغيرة تلهو على الشاطيء؟؟؟
ساعات وتأتي كل الإجابات من تلقاء نفسِها، وتأتي معها بالمزيد من التساؤلات…
أنظر أخيراً إلى الزوجة الحبيبة، وأهديها كلمات كُتِبَت لها منذ عامين، ولم تقلل الأيام من حقيقتها…
***
مازلتُ أراكِ سيدتي…بعيون العاشق لا الزوج
مازالَ الحب يحركني، كالريح الحرةِ والموج
يمتلئ بحبك تاريخي، والحبُ يزيد مع العمر
وتعيش حكايتُنا فيكِ، فاليوم سيبقى وإن مر
الطفلة فيكِ مازالت، تضحكني وتنير البيت
مازالت تلعب في شعري، وتحب النوم على صدري
مازالت تجري لو سمعت صوت مفاتيحي لتلقاني وتقول: “أتيت”
وغريبٌ سيدتي أنكِ، رغم طفولتك عاشقةً
فهناك بركن في قلبكِ، تحيا وتثور مراهقة
مازالت ترتعش بكفي، ويطل الخجل من الطرفِ
مازالت تحلم كالفتيات بالفارس يأتي من النجمات
ويفض كنوزاً وروايات، حفظتها قلوبٌ مغلقةٌ
امرأةٌ كاملةٌ أنتِ، كالملكة في هذا البيت
كسلامٌ…تراتيلٌ وغناء…
كالدفء يبدد كل شتاء
يا أختي، يا رفيقة دربي…يا صديقة عمري ويا حبي
أنا حين أحبك، أعشق ألف امرأة
ليست كلاً منهن يا سيدتي…إلا أنت
رقة من بين ثنيات الحياة
وليست من أحلام المراهقين
قصتكم … قصة حب الواعين
حيث العشق ليس بكلمة تعلكها ألسنة الموهومين
حيث العشق وليس بسهم … بل يقين
يقف ثابتاً على مرور السنين
يعشق في الانسان انسان
ولا يطير مع الدخان
ولا يفتر مع الأزمان
ليس بضرير، بل ثاقب النظر بالعينان … ا
ما كتبته يا غاندي من أرق وأبلغ ما قرأت عن الحب، فنادراً ما يكتب شخص عن حب من الواقع وليس من طيات الأحلام …
يا ليتك تكتب لنا – بعد أن تصير أباً بالسلامة – عن هذه التجربة الانسانية باستفاضة أكثر بأسلوبك الرائع
كنت تنتظر معجزتك وحدك … والآن ننتظرها كلنا:-)
مدونتك كلها رائعة وأفكارك هادئة وفي غاية العمق
أرجوك لا تتوقف عن الكتابة مرة أخرى، كان عنده حق رامي يهلل كل هذا التهليل بمناسبة عودتك …
تحياتي
ـ”كان عنده حق رامي”
هذا أهم ما في الموضوع طبعاً 🙂 🙂
يا صديقي، كنت أتساءل متى “ستفعلها” وها هي الإجابة تأتي.
طمئنّا جميعاً.
بالمناسبة: متى ستنشر “قبل العشرين”؟ يحتاج هذا الديوان لمدوّنة منفردة.
ـ
أنا فتحت المدونة الصبح وقريتها وبكيت
وبعدين فتحتها تاني دلوقتي وقريتها وبكيت تاني!! تساؤلاتك “الأنانية الصادقة” و “الحيرة الأبوية” وحديثك الرائع عن الحب تصل إلى مكان غائر جداً في القلب والدماغ!
يا جماعة هل المقالة كان ليها نفس التاثير عليكم ولا أنا إللي عاطفية شوية زيادة النهاردة؟
أنت في الأغلب لن تقرأ هذه التعليقات حتى تصبح أباَ بالفعل – حيث أنك تقول أن أمامك أربعين ساعة على الأكثر فأنت في الأغلب برفقة حبيبتك في انتظار المعجزة المتكررة – الفريدة
قلوبنا معك
وطمئننا – زي ما بيقول رامي – ودي أهم حاجة في الموضوع – إنه زي ما بيقول رامي :-))
“في انتظار أن تبدأ آخر فصول المعجزة
الحق أقول لك يا صديقي أن فصول المعجزة على وشك البداية- سوف ترى أعظم من هذا!
ما كتبته أعاد إليّ رؤية العالم بعيون الأطفال، أمرٌ كنت أحتاجه بشدة هذا الشهر بالذات
فشكراً يا صديقي
الف مبروط يا عم غاندى و مستنين
السبوع
!!من اروع و اصدق ما قرأت
مبروك لك و لملكتك نعمة الابوة و الامومة
ـ”يا جماعة هل المقالة كان ليها نفس التاثير عليكم ولا أنا إللي عاطفية شوية زيادة النهاردة”
لأ مش عاطفيّة زيادة ولا حاجة.
كان تأثيرها قوي فعلاً، وكلّ يبكي بطريقته!
ـ
مبروووووووووووووووك انا لسه عارفه حالا…… سميتو النونه الاموره ايه؟؟؟؟؟؟؟؟؟ 🙂
quaweya 2awyi w zay ma Ramy al “kolon yabqi betariqatoh” w ana men haza 2l kol.
Merci 3ashan shareqtena
لا يوجد كلمات تستطيع التعليق على ما كتبت, بالفعل عندما عرفت أن مولودتكم فى الطريق قلقت و فرحت جدا وبشكل غريب و صليت لها ولم أكن أعلم جيدا لماذا كل هذا؟! ولكننى الآن قد وجدت الاجابة. ما أشعره الآن بعد قراءة هذه السطور لا يكتب لا ينطق ولكنه يحس
طمأنتَني إلى أنّ حباً من هذا النّوع ما زال موجوداً 🙂
مبروك عالمولودة، هل فكّرتما في لائحة الأسماء المحتملة؟
“عينينا هنّ أسامينا”
ألف مبروك يا غاندي وأحسدك على شجاعتك هذه.
مبروك ياغاندي، واستمتع بمشاعر الأبوة المصحوبة بليالى الأرق واختلال المواعيد والذهاب إلى العمل بعيون حمراء
ولكن بصدق شديد الأبوة تجربة فريدة وبديعة هذا عن تجربة شخصية بالطبع
مبروك يا غاندي بنتك الأمورة و يارب فعلا معجزتك اللي اتحققت تكون بداية لمعجزات كتير نفسنا تتحق عشان بنتك تعيش في عالم جدي و ألا “تتخبط في نفس الطرقات التي فيها مشيت قبلاً؟؟” و مشي فيها الكثيرون
أتفق مع Socrates
في رأيها الرائع عن قصة حبكما فهو بالفعل حقيقي لأنه يرى و ليس أعمى، و لا أكذبك القول أني كنت قد كفرت بوجود هذاالنوع من الحب من أصله و بدأت اعتقد في أن الحب كدبة كشف زيفها طبيعة زمننا الصعب و شعرت بكثير من الراحة -الممزوجة بالمرارة- من جراء فقداني الأمل في وجود ذلك الحب
وها هي قصة حبكما تحيي أملا اخر بداخلي…
بروك تاني المولودة الجميلة
مريم
مبروووك
ادهشنى فقط قدرتك على التطلع لابعد ما يمهد لنا طريق الحلم
فحلمت لطفلتك بطفولتها ومراهقتها ونضوجها
وهو ما أحسدك عليه فعلا
فأنا رغم كل شىء ارى طفلتى .. طفلة مهما مرت الايام علينا
ودهشتى ليست فقط لتلك القدرة على امتداد الحلم ولكن كونها صادرة من أب تجاه ابنته
فالأب الشرقى تكون نظرته لابنته فى غاية التعقيد
فهو فى صراع دائم بين موروثاته وجيناته التى تحمله على اخفائها وكأنها إثم
وبين فطرتهالتى تدفعه الى التدله فى حبها
وهذا ما يفسر العلاقة المتوترة دائما وابدا بين كل اب وزوج ابنته
هيييه.. ما علينا
مبروك من جديد وحياة سعيدة لك ولها وللملكة
مبروووووووووك يا غاندي (أو زنبرك زي من 10 سنين :)) وألف حمدلله على سلامتهم.. اللي إنتَ عايشه ده جميل قوى زيَّك.. حاجة تفرَّح وتبكِّي.. حاجة تطمِّن وتصحِّي.. كل ده حب وإيمان؟!!.. مش عارفة أقول مين اللي محظوظ؟؟ مراتك بيك ولا إنتَ بيها ولا تيا ولا إحنا!!.. بس أكيد ربنا عايز يقول حاجااااااااات
كان ليك وحشة فعلاً!! مرسي بجد عشان رجعت تاني ، ومرسى أكثر عشان إنتَ أصلاً موجود
كنت صغيراً عندما وهبنى الله طفلتى الأولى- لها أخ الأن- كنت فى السابعة والعشرين مشاعرى كانت الفرح ولا شىء سواه رغم قلة المال و صعوبة الحياة لكنها كانت فاتحة الخير على حتى الأن
هناك مال
لكن فقدت أشياء كثيرة جدا فقدت روح الطفولة التى كانت تسكننى فقدت الحب المراهق أصبحت كبيرا جدا رغم كونى لم اتجاوز الثلاثين بعد لكننى فقدت
الحب
والعشق
واللمسات المراهقة
واللحظات الجميلة
ليس من بسبب الطفال
ربما كانوا سببا ثانويا – الخوف عليهم – لكن البعض شارك فى سرقة فرحتى
مبروك
وانبتها الله نباتا حسنا ورزقك برها وبلغت اشدها وجعلها الله سببا لدخولك جنته
اللهم امين
امين
“وأتساءل أخيراً – في لحظة من الأنانية الصادقة – هل سأفقد البقية الباقية من ثورتي ودهشتي ومراهقتي، لأن “متطلبات المرحلة الجديدة” هو أن تنسحب الأمواج القديمة إلى البحر الهاديء، لتترك الأمواج الصغيرة تلهو على الشاطيء؟؟؟”
أعتقد أن البحر يسع الأمواج الصغيرة لتلهو على الشاطئ تماماً كما يسع الأمواج القديمة ويسمح لها بثورتها ودهشتها ومراهقتها:)
وأخيراً تعليق شديد التواضع… ما أروع الحب