بمنتهى الصدق أقول أن أكثر ما أثر فيَّ خلال هذا الحوار حول العلاقة بين الكنيسة والسياسة هو المشاركات العميقة – وإن كانت قليلة – للإخوة المسلمين، وهؤلاء الذين استطاعوا أن يتجاوزوا العنوان – الذي يبدو محلياً جداً – إلى المعنى الذي يمكن أن يصيرموضوعاً لحوار عالمي تاريخي بدأته الدنيا من ألاف السنوات ولم تنته منه بعد: الدين والحياة…شاركني درش في الدعوة للحوار، ثم اقترح أن يمتد الحوار ويستمر ليشمل علاقة الإسلام بالدولة، ويقول “وأعني بالإسلام المؤسسات الدينية و”رجال الدين” والأفراد العاديين، ليتنا نستطيع أن نتوصل إلى أفضل صياغة يجب أن تكون عليها العلاقة بين معتقادتنا وتنظيم مجتمعنا“.وعلق قاريء – غير مدون وقع بإسم “مصطفى عبد العزيز”* -، مؤكداً أن كل الأديان ترفض أن تعقد صفقات “عملية” مشبوهة، وإلا “تفقد (الأديان) كل شيء”وتوالت التعليقات – من مافي وابن عبد العزيز ورامي ودرش – لتؤكد بأشكال مختلفة أننا جميعاً نتفق أن “الدين له دور عميق في المجتمع”، وأن المشاركة الإيجابية للمؤسسات الدينية في تفعيل دورها هي واجب عليها. واتفقنا تقريباً أن هذا الدور ينبغي أن يكون مرتبطاً بالفلسفة والمبادئ العامة للحياة بكل جوانبها بما فيها السياسية منها، وأن هذا الدور لا ينبغي أن يتجاوز حدودة ليدخل في “تفاصيل” الاختيارات الحياتية لأفراده، إلا فيما يتعلق بحظر أحد الاختيارات لأنه “يتعارض مع الإيمان”.وربما نكون اختلفنا قليلاً في العلاقة بين الكنيسة – ككيان اعتباري – وقائدها والعاملين فيها بصفتهم الشخصية. وأحسب نفسي مع الرأي القائل بأن كل من ارتضى أن يتولى منصباً اعتبارياً عليه أن يتحمل العبء الناتج عن ذلك، والذي يجبره أن يكون شديد التحفظ في التعبير عن وجهات نظره الشخصية والتصرف بحسبها. فبرغم أنه حق شخصي، فأنا لا أتصور أن يعلن رئيس مصر مثلاً – في حوار شخصي – أنه يحلم بأن تزول إسرائيل من الوجود (وقد فعلتها بالأمس بالمناسبة مذيعة الساعة العاشرة على قناة دريم)، فرأيه الشخصي هنا ينسحب على الكيان الذي يمثله.وبالمناسبة، فقد نشر الأهرام يوم أمس حديثاً جديداً للبابا شنودة، أكثر شخصية، لكنه يحمل الرسالة الترويجية ذاتها للرئيس مبارك!!!اكتشفت بالمصادفة ثائر قبطي ينشر من أمريكا، ولا أقول بأني قرأت كل ما قال، ولا بأنني أتفق مع كل ما قرأت، لكن الشيء بالشيء يذكر، ولذا لزم التنويهوأخيراً، أعلن واحد من مصر أنه ينوي أن يفتح الحديث في مدونته عن الدين والسياسة، فلعلنا نجد عنده المزيد.***وضعت سؤال أجاب عليه 24 فرد، أترك لكم تحليل الإجابات بلا تعليق. لكن تذكروا طبعاً أن الناس فهموا السؤال بطرق مختلفة، فما هي “الكنيسة”؟؟، وما هو المقصود “بالأراء السياسية”؟؟. وعموماً الأرقام ليست بعيدة، وتظهر فيما يبدو نوع من الميل نحو الوسطية.***نحاول أن ننهي إذن ما بدأناه، فيكون لدينا نقطة ننطلق منها للأبعد. اقترح رامي أن نكتب رسالة إعلان مبادئ تُصَّعَد للأساقفة في المجمع المقدس، وأيد الكثيرون الاقتراح. إذن أحاول أن أكتب بضعة سطور كبداية، وأنتظر تعليقاتكم عليها حتى تصل لمرحلة النضج، وبعدها يمكن أن ننشرها لجمع التوقيعات ثم ننظر في أسلوب توصيلها.” نحن جماعة من المصريين، مسيحيين ومسلمين، مختلفين في اتجاهاتنا وأفكارنا، لكن متفقين في احترام اختلافاتنا، ومتفقين في احترام أدياننا والكيانات التي تقودها، ومتفقين في حب مصر، والحلم بها وطناً حراً للجميع، نعيش فيه ما نتعلمه من إيماننا… نرسل هذه الرسالة إلى أساقفة المجمع المقدس، ونرجو أن يقبلوا منِّا ما كتبناه، وقد كتبناه باتضاع من لا يعرف الحقيقة، وبرجاء من يثق أن الله وحده هو القادر أن يصنع من جهلنا حكمة، ومن ضعفنا قوة…نقترح أن تتبنى الكنيسة القبطية المبادئ الآتية، في إعلان واضح، لكن بالأحرى في الممارسات اليومية والوعظات والاجتماعات المقامة في الكنائس، وذلك خلال الأسابيع القادمة – فترة ما قبل الانتخابات – وكلما دعت الحاجة إلى تجديد الرسالة.1. تشجع الكنيسة جميع أفرادها من غير المكرسين على التفاعل الإيجابي مع الأحداث السياسية والحراك الاجتماعي في مصر والعالم، وترى أن القيام بدور إيجابي في العالم هو أحد المعاني الأساسية في حياة المسيحي المؤمن. وتشجع الكنيسة كل فرد أن يقوم بدوره بالطريقة التي تمجد الله، وتحقق الخير لكل إنسان.2. تؤكد الكنيسة على أن السلوك المسيحي لا يتضمن اللجوء لأي شكل من أشكال العنف أو الإساءة بالفعل أو القول لأشخاص أياً كانت انتماءتهم أو عقائدهم أو لكيانات أياً كان ما تعبر عنه، وتؤكد أنه طالما يشارك المسيحي بإيجابية ودون المساس بأخلاقيات الحياة المسيحية، فلكل فرد الحق في اختيار انتماءاته والوسائل التي يستخدمها للتعبير عن رأيه. وتتمنى أن يصير كل مسيحي قبطي “صانع سلام” في الأماكن التي يمارس فيها حياته ويعبر فيها عن رأيه.3. تعلن الكنيسة أن أبناءها من المكرسين لهم دور واضح هو أن يجعلوا من الكنيسة مكاناً يتعلم فيه الأفراد كيف يعيشون إيمانهم، وبأنه لا يحق للممكرسين ممارسة الأنشطة السياسية أو الدعوة إلى توجهات أو إلى تأييد أشخاص أو كيانات بعينها. وأن ما يصدر عن أي مكرس بهذا الشأن ليس ملزماً لرعيته من الأفراد، حيث أنه لا يعبر إلا عن رأيه الشخصي. وتطالب الكنيسة في ذات الوقت أبناءها المكرسين أن يلتزموا التحفظ في إعلان أرائهم الشخصية حتى لا تتسبب في نوع من البلبلة.قارئي العزيز، هل سيسمعنا أحد لو قلنا هذا الكلام؟؟ هل يهم أصلاً لو سمعنا أحد؟؟ إننا نتكلم لكي نعرف أننا أحياء!!! * ملحوظة كوميدية: القارئ اسمه مصطفى عبد العزيز، هل ياترى هو درش + ابن عبد العزيز؟؟؟
8 thoughts on “الكنيسة والسياسة: حديث أخير”
Comments are closed.
أعجبني البيان واعتقد أنه يمكن أن ينال اتفاق عام، لي فقط ملاحظتان صغيرتان:
1- النقطة الثالثة والتي تطالب المكرسين بعدم تبني مواقف يجب ان توضح حقهم (وحق الكنيسة) في معارضةالمواقف والسياسات التي يرون أنها تتعارض مع الفكر المسيحي، وكذا المواقف والسياسات التي تتعارض مع مصالح المسيحيين (بصفتهم مسيحيين وليس كمواطنين)
2- النص في البيان على انتخابات الرئاسة تعني ان ننتهي من الاتفاق على البيان وتجميع عدد مناسب من التوقيعات وتسليمه خلال الثلاثة أسابيع المقبلة وهو ما أتمناه ولكنني لست واثقا منه
أما بخصوص مصطفى فقد أعجبتني النكتة 🙂 وأعلم انني “ملخبط ناس كتير” لكن اسمي ليس مصطفى ، ان اسم درش هو اسم يعجبني ليس اكثر ، وهو ما قد يعرفه العواجيز مثلي من انه اسم الشخصية التي كان يرسمها صلاح جاهين ليعبر بها عن الانسان المصري
اعجبنى البيان و اتمنى ان يقراءه رجال الكنيسة
و ان كنت ـرى انه من اجل ايجاد حل لهذه المشكلة بشكل جذرى لا بد من:
اولاً: حدوث تغير فى عقلية الكنيسة من ناحية الكهنة و الاساقفة و من ناحية الشعب العادى و اعادة تنظيم العلاقة بينهم
فلا بد من تغير عقلية الكاهن و الاسقف الذى غالباً ما يكون عنده يقين انه يمللك رؤية افضل من الجميع و لا يرى فى الاخرين سوى اتباع و من واجبهم طاعته
كذللك لا بد من تغير عقلية شعب الكنيسة البسيط الذى يرى فى الكاهن صورة الله الذى لا يخطئ و كل ما يقوله هو من عند الله. فهو فى النهاية بشر عادى و ليس كل ما يقوله بالضرورة يجب ان يكون صحيح او ملزم
ثانياً : لا بد من اعلان و اضح و صريح مـن الكنيسة يتضمن ان الكنيسة مؤسسة دينيةو لا تعمل بالسياسة . قد يكون لها بعض المواقف الوطنية من القضايا العامة و لكنها لا تتعدى على حرية الافراد فى ممارسة حقوقهم المدنية و بما لا يخل بحقوق المواطنة
ثالثاً : من حق كل ابناء الكنيسة بما فيهم الكهنة ممارسة حقوهم الساسية و ان ينتموا الى احزاب كل و احد حسب توجهاته و لكن بشرط ان لا يستخدم أحدهم منبر الكنيسة من اجل اى دعاية انتخابية من أى نوع
رابعاً : التأكيد على رفض الكنيسة قيام أى احزاب على اساس دينى
ـ”ثالثاً : من حق كل ابناء الكنيسة بما فيهم الكهنة ممارسة حقوهم الساسية و ان ينتموا الى احزاب كل و احد حسب توجهاته و لكن بشرط ان لا يستخدم أحدهم منبر الكنيسة من اجل اى دعاية انتخابية من أى نوع”ـ
الموضوع يتعلّق بمعنى وظيفة الكاهن، ومفهوم الكهنوت.
أعتقد أنّ المفهوم الأصيل هو أنّ هذا الرجل قد وهب حياته بالتمام لخدمة مجموعة معيّنة من البشر ائتُمِن عليهم من قبل الكنيسة ككل ممثلة في قيادتها. إذن فهو لم يعُد “حرّ نفسه”. من حقّه الانتخاب لأنّه مواطن، لكن الانتماء لحزب له واجبات قد يخونها الكاهن لكونه كاهناً، والعكس بالعكس.
الكاهن مثلاً لو لم يكُن متزوّجاً قبل رسامته لا يحقّ له الزواج بعد ذلك، والفكرة أنّه-منذ الكهنوت-قد صار “وقفاً” على الله. فهو ملك لله ولشعب كنيسته.
طبعاً هذا لا يحدُث لكن هذا هو الـ
job description
أعجبنى كثيرا ما كتبت وأرى أن وصوله شىء هام بالرغم من عدم حبى للتدخل فى الحوارات السياسية ولكن يوجد جمل بالخطاب بالفعل أعجبتنى وشعرتهاوتمنيت أن تصل
درش: شوقتني أعرف إسمك الحقيقي، أتفق مع ملحوظتك الأولى وسأحاول إضافتها في النسخة المعدلة من البيان
أما موضوع الوقت فالموضوع ليس في يدي تماماً، وأتمنى أن يظهر قارئ لديه خبرة أكثر في تفعيل هذا النوع من المبادرات ويعرف كيف نصل بها للمعنيين في الوقت المناسب.
مصراوي: فيما يتعلق بتغيير الثقافة العامة فأتخيل أن الوضع لم يعد بهذا السوء، لكن هناك تقدم ممكن إحراوه بالتأكيد
ملحوظتك الثانية أظن أنها تتحقق من خلال البيان
موضوع اشتراك الكهنة في الأحزاب، أظنه شأن داخلي للكنيسة، أنا مقتنع مع رامي بأنه لا يحق لهم، لكن من الممكن أن نخفف الصياغة ونترك للمجمع القرار
النقطة الرابعة أكد عليها الدكتور حنا في بيانه على موقع
رؤى مصرية
لكن من الممكن إضافتها
جولي: حللتِ أهلاً ونزلتِ سهلاً
عايزة أعلق من زمان بس كل ما آجي أكتب أقول كلام كثير قوي – كالعادة – فأأجل وأقول هأحطه على مدونتي
المهم: أولاً أشكرك إنك توليت تجميع الآراء في هذا الموضوع إللي بدء باحساسنا كلنا بالكمد مما حدث وانتهى – كما يجب – بمحاولة تكوين رد فعل إيجابي
أشارك القلقين بعدم وصول البيان قبل الانتخابات وفقدانه لجزء من قيمته
أشعر أن البيان يحتاج أن يكون أكثر تحديداً في رفض تقديم موقف كنسي سياسي معين، مثل ما حدث بشأن تأييد مبارك، وأحس أننا يجب أن نوضح أن جزءاً من حقوقنا قد انتهكت بمثل هذا الاعلان،ولو بأسلوب ناعم وغير مباشر وأن ضرب المعارضة التي يشارك فيها الكثير من المسيحيين كمواطنين غير مقبول
ورغم ذلك فأنا مدركة أن البيان كلما كان عاماً كلما سهل نيل التأييد له من عدد أكبر من الناس
وعليه فأنا معتمدة على حكمتك يا باشمهندس في ضبط هذه الشعرة ما بين عمومية البيان وتوصيل الفكرة بدقة
ولكن بسرعة عشان يوصل قبل الانتخابات بوقت كاف
بالنظر إلى موضوع الوقت فاعتقد اننا امام خيار من اثنين:
1- اذا كنا نريد أن نرسل هذا البيان (المناشدة) قبل الانتخابات فعلينا ان نكنتفي بعدد قليل من الموقعين ولنقل عشرة على سبيل المثال ونشير في المقدمة انه نظرا لجدل كثير جرى على المدونات فاننا رأينا أن نرسل لكم بعض الملاحظات التي أثيرت (بلا بلا بلا) ونحن وان كنا لا نمثل الا انفسنا ولكننا نعبر عن وجهة نظر اثارها الكثيرون
2- الخيار الآخر هو ان نتخلى عن فكرة ارسالها قبل الانتخابات ونسعى لنشرها بشكل اكبر وتجميع عدد اكبر من التوقيعات
ولكن اعتقد اننا نحتاج الى اتخاذ قرار سريع في هذا الشأن وارجو ان يستطيع رامي وميلاد على وجه الخصوص من المساهمة لما أراه من قدراتهم
فكرة البيان فكرة جيدة و احب ان اشارك فيها